النائب عبد الباري دغيش يدعو إلى جلسة استثنائية لمجلس النواب لإقرار تعديلات الانتخابات المتفق عليها بين الاحزاب
عض، وليس بتر الأصابع !!
مساءً، الجمعة 30/أغسطس2008م،كنت أمارس رياضة المشي السريع حينما اتصل بي الصحفي عبد الحفيظ الصمدي من صحيفة أخبار اليوم متسائلا عن واقع حال الديمقراطية اليمنية، فأجبته ببعض جمل قرأتها صباح اليوم التالي غير مترابطة في صحيفة أخبار اليوم فلم تروقني ،إذ لم يكن الوقت مناسبا ولا الحيز كافيا لإيضاح وجهة نظري بهذا الشأن بما يريح ضميري ويطمئن له قلبي، فكان لزاما علي الإدلاء بهذا التصريح :
نعلم من التاريخ والتجربة أنه في لعبة عض الأصابع يتعلم الناس ويمارسون الصبر والتصبر و المصابرة،،ففي الأيام الأخيرة من فترة انعقاد مجلس النواب اليمني خاض الجميع ــ سلطة ومعارضة ــ لعبة عض الأصابع في سياق وسباق تعديلات إخراج القانون رقم 13 لسنة 2001 م بشأن، الانتخابات والاستفتاء ، ولعبة عض الأصابع هذه أجدها مبررة ومقبولة خاصة وأنها قد حلت في الحياة السياسية محل جز الرقاب وإخماد الأنفس والانقلابات العسكرية ، وتعد واحدة من الوسائل الجائز لعبها، شريطة أن لا تتحول إلى " قرط " الأصابع وبترها ،ففي ذلك تشويه للأنامل التي يمكن لها عزف سيمفونية الديمقراطية المعول على تعزيز نهجها وتجذير مسارها لتحقيق قفزات إلى الأمام في التطور والرقي والتنمية الشاملة.
ومع تقديري لجهود كتلة الأغلبية التي أنا واحد منها أو هكذا أظن نفسي، وصبرها الذي وصل حد الإعياء إذ نالها التعب وخاصة أولئك الأعضاء الملتزمين بحضور جلسات المجلس، وبلغت القلوب الحناجر بعد جلسات متواصلة قاربت مدة الثلاثة الأشهر،كان لذلك بالغ الأثر في التراجع العاطفي عن التعديلات المتفق عليها ، لتدخل البلد بخارطته الحزبية الفاعلة عقب ذلك القرار مرحلة تصعيد وأتون حرب إعلامية ومكايدات تدفع نحو مزيد من التوترات، هي من إنتاج الجميع، وسيعم ويلها الجميع إذا لم يتم تدارك الموقف وترميم مايمكن ترميمه.
إن تعديلات قانون الانتخابات التي أقرها مجلس النواب مادة مادة، وبقيت المصادقة عليها إجمالا، وتم التراجع عنها، أي التعديلات، لم تكن من أجل عيون المشترك ،كما إنها ليست إرضاء لأي طرف من الأطراف،وليست تضحية من المؤتمر وليست منة أو هبة منه للمشترك أو غير المشترك ،، إنها بكل بساطة من أجل اليمن الآمن المستقر والقانون اليمني بتعديلاته،الاخيرة هو نتاج الحوار والوفاق الوطني في حده الأدنى ،وفي إقرارالتعديلات ،هذه، ضرورة ملحة لخدمة المسار الوطني الديمقراطي ،وتجذير نهجه ،ويأتي من باب الحرص على الوئام والوفاق بين شركاء العمل السياسي ومن أجل تعزيز التجربة الديمقراطية الناشئة،،ولذلك ربما يكون من المناسب أن يدعو الأخ رئيس الجمهورية ،وهو رائد وراعي الديمقراطية الأول، مجلس النواب لانعقاد طارئ من أجل إقرار تلك التعديلات، والتي تمثل نتاج جهد إنساني أخذ من وقتنا الكثير ووصلنا إليه عبر الحوار المضني والمتعب لكل الشركاء الفر قاء داخل أروقة مجلس النواب وخارجه ، وتلك خطوة يُنصح بسيرها من أجل انفراج الأزمة الراهنة والخروج إلى أحوال ملائمة تسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في ربيع 2009م في ظل أجواء صحية ونقية قدر الإمكان وفي حدود التوافق الأدنى للشركاء الفر قاء، وليبقى أمام الجميع بعدئذ الانطلاق للتمايز ألبرامجي بملامسة هموم ومصالح الشعب بفئاته وشرائحه المختلفة قولاً وفعلاً من خلال التنافس النزيه والشريف والمتكافئ لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها بعد حوالي ثمانية أشهر من الآن بإذن الله تعالى، والتي نأمل لها أن تشكل إضافة نوعية جديدة في صرح الديمقراطية اليمنية الناشئة ، وفي إنتاج التوازن السياسي المأمول لمصلحة أمن الوطن وتقدمه واستقراره ومن أجل ذلك فليعمل العاملون.
كلمة أخيرة: إذا كان لامفر، ولا مناص في خاتمة المطاف من الاحتكام لمبدأ خضوع الأقلية للأغلبية في هذا الموضوع تحديدا، فيجب أن يتم ذلك وفقا للإجراءات اللائحية والقانونية السليمة، ويجب أن يُصغى إلى جميع الآراء ،وليعلم الجميع أنه لامفر أحيانا من تقبل بعض الأمور وإن كانت مُرّة ،وعلى جميع الفر قاء الشركاء تقديم تنازلات حرصا على تعزيز التوجه الديمقراطي ومن أجل تراكم الخبرات والسلوكيات والتقاليد الديمقراطية في حياتنا السياسية اليمنية…والله من وراء القصد، وهو ولي الهداية
والتوفيق.
النائب/ عبد الباري دغيش